تفاسير سور من القرآن
تفسير قوله: وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ
...............................................................................
لما كان بنو إسرائيل في التيه هذه الأربعين سنة أصابهم العطش؛ فشكوا إلى موسى اسم> فأوحى الله إليه رسم> أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ قرآن> رسم> فضربه. رسم> فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قرآن> رسم> وشكوا له من حر الشمس فظلل الله عليهم الغمام يقيهم حر الشمس، وشكوا له من الجوع فأنزل الله عليهم المن والسلوى كما تقدم في سورة البقرة.
وكما هو مذكور هنا في سورة الأعراف رسم> وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُُ قرآن> رسم> أوحى الله إلى نبيه موسى اسم> حين استسقاه قومه. الإيحاء في لغة العرب هو كل إلقاء للشيء في سرعة وخفاء؛ فهو إيحاء، هذا معناه اللغوي. والوحي له معنى لغوي ومعنى شرعي غيره من المعاني.
فالوحي الشرعي معروف وهو ما يوحي الله لنبيه بواسطة الملك مثلا. ربما أوحى إلى النبي بغير واسطة، كما أعطى نبينا صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء الصلوات الخمس، وخواتيم سورة البقرة؛ فظاهر حديث ابن مسعود اسم> عند مسلم اسم> أنه من غير واسطة الملك. وقد يكون الوحي بواسطة الملك وهو على أنحاء كثيرة معروفة.
وأصل الإيحاء في لغة العرب هو كل إلقاء جامع بين الخفاء والسرعة، تسميه العرب وحيا. فكل من ألقى شيئا بخفاء وسرعة؛ فهو وحي في كلام العرب؛ ولأجل ذلك كانت العرب تطلق اسم الوحي على الكتابة وعلى الإشارة وعلى الإلهام؛ لأن كلا من هذه إلقاء في سرعة وخفاء.
فيطلقون الوحي على الإلهام ومنه قوله تعالى: رسم> وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ قرآن> رسم> ؛ أي ألهمها. ويطلق الوحي على الإشارة وهو أصح القولين في قوله عن زكريا اسم> رسم> فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا قرآن> رسم> ؛ أي أشار إليهم. وتطلق العرب الوحي على الكتابة؛ لأنها معان تلقى بأفعال سريعة خفية.
وإطلاق الوحي على الكتابة إطلاق كثير مشهور في كلام العرب. وكان بعض المفسرين يقول منه قوله في زكريا اسم> رسم> فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ قرآن> رسم> ؛ أي كتب لهم، والأظهر الإشارة كما يدل عليه قوله: رسم> إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا قرآن> رسم> وإطلاق العرب الوحي على الكتابة مشهور جدا في كلامها، كثير جدا في أشعارها، ومنه قول لبيد بن ربيعة اسم> في معلقته:
فمدافع الريـان حريـة عري رسمهــا | خلقا كما ضمـن الوحي سلامهـا |
كوحـي الصحـائف مــن عهــد | كسرى فأهداهـا لأعجـم قنطــني |
دار لأسمـاء بالغمـرين ماثلــة | كالوحي ليـس بها مـن أهلهـا أرم |
لمن الديـار غشيتهـا بالفدفــد | كالوحي في حجـر المسـير المخلـد |
سوى الأربع الدهم اللـواتي كأنهـا | بقية وحي فـي بطـون الصحـائف |
كأن أخ الكتــاب يخـط وحيــا | بكـاف فــي منازلهــــا ولام |
هذا معنى قوله: رسم> وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى قرآن> رسم> نبي الله موسى بن عمران اسم> رسم> إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُُ قرآن> رسم> حين استسقاه قومه. والمقرر في فن التصريف أن استفعل من أبنية الطلب؛ لأن السين والتاء تدلان على الطلب؛ فاستسقى معناه طلب السقيا، واستطعم طلب الطعام، واستنزل طلب النزول إلى غير ذلك. رسم> إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُُ قرآن> رسم> طلبوا منه السقيا أن يسأل الله لهم فيسقيهم.
مسألة>